النظرة سهم من سهام ابليس
تعتبر النظرة في الإسلام من الأمور الدقيقة التي حذر منها الشرع الحنيف، لما لها من تأثيرات سلبية على النفس والقلب، ولأنها قد تكون مقدمةً للوقوع في المعاصي، وقد جاء التنبيه في القرآن الكريم والسُّنة النبوية على ضرورة غض البصر وتجنب النظر المحرّم، لأن النظرة قد تفتح بابًا للشيطان ليغوي الإنسان ويجعله ينزلق في المعصية، ولذا فإن الإسلام شدد على أهمية ضبط النفس والسيطرة على الشهوات، بدايةً من النظرة التي قد تبدو بسيطة، لكنها تحمل في طياتها تأثيرات عميقة تؤثر على الفرد والمجتمع.
لقد أوضح الإسلام أن النظرة سهم من سهام ابليس هي تنبيه جاد لكل مسلم ومسلمة حول خطورة الانقياد وراء شهوات النفس، فالنظرة قد تبدو في ظاهرها بسيطة، ولكنها تحمل في طياتها تأثيرات نفسية وروحية خطيرة، وقد جعل الله سبحانه وتعالى غض البصر من أسمى العبادات التي تحفظ القلب وتصونه من الفتن، وفي عصرنا الحالي، مع انتشار وسائل الإعلام والتكنولوجيا التي تُغرق الناس بالفتن البصرية، يصبح التحذير من “النظرة سهم من سهام ابليس” أكثر أهمية من أي وقت مضى.
جدول المحتويات
معنى النظرة في الحديث الشريف
ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “النظرة سهم من سهام ابليس، فمن تركها مخافة الله أبدله الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه”.
يعكس هذا الحديث عظمة الخطر الذي قد ينجم عن النظرة المحرّمة، فالنظرة ليست مجرد فعل مادي، بل هي سهم معنوي يوجهه الشيطان نحو قلب الإنسان، ليزرع فيه بذور الفتنة والشهوة، وفي المقابل، يعد الله تعالى بأن من يجتهد في غض بصره ويبتعد عن الحرام، سيجد في قلبه حلاوة الإيمان والراحة النفسية التي لا تضاهيها لذة دنيوية.
النظرة سهم من سهام ابليس: ماذا يعني؟
تشبيه النظرة المحرمة بـ”سهم من سهام إبليس” في الإسلام يُعبر عن خطورة تأثيرها وأثرها النفسي على الإنسان، حيث تشبه السهم الذي يصيب القلب ويضعف مناعة النفس تجاه الشهوات والمعاصي، فعندما يستسلم الإنسان للنظرات غير البريئة، يبدأ في الانجراف نحو الرغبات التي قد تؤدي إلى ما هو أكبر، إذ تصبح النظرة بداية الطريق نحو الفتنة، فالإسلام يحث المسلمين على التحكم في النظر وغض البصر؛ لأن النظرة الأولى قد تبدو عابرة لكنها تتسبب في إثارة مشاعر الشهوة، وقد تتحول إلى فتنة أكبر تؤثر على استقامة الإنسان.
إن الحديث النبوي الشريف “النظرة سهم من سهام ابليس” يعكس مدى حرص الإسلام على حماية الفرد من الوقوع في فخ الشهوات والمعاصي، ويوجه الإنسان إلى غض البصر والتحكم في النفس، ليعيش حياة هادئة بعيدة عن الاضطراب الناتج عن الانغماس في الشهوات.
اطلع أيضاً على: هل يجوز الجماع اثناء الاستحاضه؟.
تأثير النظرة على النفس والعقل
النظرة المحرمة لا تؤثر فقط على القلب، بل تمتد آثارها إلى النفس والعقل، فهي تؤدي إلى اضطراب في المشاعر وتولد رغبات غير مشروعة قد تسيطر على الإنسان وتجعله ينشغل بها عن عبادته وأعماله الصالحة، كما أن النظرة تُعدّ بوابةً لفتح الباب أمام الأفكار السيئة والرغبات المكبوتة التي قد تؤدي إلى ارتكاب محرمات أكبر، لذا، فإن تأثير النظرة يتجاوز اللحظة الآنية ليشمل تأثيرات طويلة الأمد على العقل والنفس، حيث تزرع الفتنة وتزيد من التعلق بالدنيا والشهوات.
اقرأ المزيد عن: تعرف على نوايا قراءة سورة البقرة.
تحذير إسلامي من أثر النظرة المحرمة وأهمية غض البصر
في الإسلام، النظر إلى المرأة أو الرجل بنية الشهوة أو بإطالة النظرة بما يثير الرغبات يعتبر نوعًا من “زنا العين”. ففي الحديث الشريف عن النبي محمد ﷺ قال:
“كُتِبَ على ابنِ آدمَ حظُّهُ منَ الزِّنا مُدْرِكٌ ذلِكَ لا محالةَ، فالعينانِ زِناهُمَا النَّظرُ، والأذنانِ زِناهُمَا الاستماعُ، واللِّسانُ زِناهُ الكلامُ، واليَدُ زِناهَا البطشُ، والرِّجلُ زِناهَا الخطا، والقلبُ يَهْوَى ويَتَمَنَّى، ويُصَدِّقُ ذلِكَ الفرجُ أو يُكَذِّبُهُ” (رواه مسلم).
في هذا الحديث، وضّح النبي ﷺ أن العينين قد تزنِيان بالنظر، حيث أن النظرة المحرمة تكون مقدمة للمعصية وقد تفتح باب الشهوات، لذلك تُصنف ضمن الزنا، وهذا النوع من “زنا العين” لا يكون زناً حقيقيًا كفعل، لكنه يُعتبر نوعًا من المعصية ويُبنى عليه تحذير إسلامي من مغبة الاسترسال في النظر لما يؤدي إليه من تهييج الشهوة ويجرّ الإنسان نحو المعاصي الأخرى.
الإسلام يدعو إلى غض البصر كوسيلة للابتعاد عن الفتن، ولهذا ورد الأمر في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى:
“قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” (سورة النور: 30)
وغض البصر هو وسيلة لحفظ القلب وصونه من الأفكار والرغبات التي قد تؤدي إلى الوقوع في المحرمات، وهو يُعتبر عبادة تحافظ على طهارة النفس وتقوى الله.
اطلع أيضاً على: من هم الائمه الاربعه؟.
كيفية الوقاية من أثر النظرة في الإسلام
الوقاية من أثر النظرة تبدأ بالتربية الصحيحة على مراقبة الله تعالى في كل الأفعال والأقوال، ومنها النظر، من أهم الطرق للوقاية من النظرة المحرمة هو الحرص على غض البصر والابتعاد عن الأماكن أو المواقف التي قد تعرض الإنسان للفتنة، كما أن تقوية الإيمان والتقرب إلى الله تعالى من خلال العبادات والطاعات تسهم بشكل كبير في تقليل تأثير الشهوات والرغبات الدنيوية على النفس، أيضًا، ينبغي على المسلم أن يشغل نفسه بما ينفعه في الدنيا والآخرة، حتى لا يجد للشيطان مدخلًا إلى قلبه من خلال النظرة أو غيرها.
النصائح الشرعية لتجنب الوقوع في النظرة المحرمة
لتجنب الوقوع في النظرة المحرمة، قدم الإسلام العديد من النصائح والإرشادات التي تعين المسلم على ضبط نفسه وحفظ بصره. من هذه النصائح:
غض البصر: وهو أمر مباشر من الله تعالى في القرآن الكريم، حيث قال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور: 30].
الابتعاد عن مواطن الفتنة: سواء في الأماكن العامة أو عبر وسائل الإعلام الحديثة، حيث تكثر الصور والمشاهد التي تثير الشهوات.
الزواج: الزواج يعتبر من أفضل الوسائل الشرعية التي تساعد على تهذيب النفس وحفظها من الوقوع في الحرام.
التوبة والاستغفار: الإنسان قد يقع في الخطأ، لكن الإسلام يفتح باب التوبة دائمًا، والاستغفار والندمعلى ما فات من الذنوب من أهم الوسائل التي تساعد المسلم على العودة إلى الله تعالى وعدم التمادي في المعصية.
الابتعاد عن الخلوة ومجالس الفتنة: حيث أن التواجد في أماكن الخلوة أو المجالس المختلطة قد يفتح بابًا للنظرة المحرمة، وبالتالي يجب الحرص على تجنب هذه المواقف.
الاشتغال بما ينفع: الفراغ قد يكون سببًا رئيسيًا في الوقوع في المعصية، ولذلك ينصح المسلم بملء وقته بالأعمال الصالحة والعلم النافع.
الصوم: كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”. الصوم يساعد على تهذيب النفس وكبح جماح الشهوة.
يمكنك القراءة في: فضل الصلاة على النبي.
العلاقة بين النظرة والشهوة في الشريعة الإسلامية
في الشريعة الإسلامية، هناك علاقة وثيقة بين النظرة والشهوة، فالنظرة تُعد المدخل الرئيسي الذي يؤدي إلى استثارة الشهوة، وهذا ما أشار إليه الإسلام بوضوح من خلال النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي حذرت من خطر النظرة المحرمة، لأنها قد تؤدي إلى الوقوع في المعاصي الأكبر، مثل الزنا.
الله سبحانه وتعالى يعلم طبيعة الإنسان وغرائزه، ولذلك أمر بغض البصر كوسيلة للحفاظ على نقاء القلب ولمنع الفتنة. وقد جاء في القرآن الكريم: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].
وهذا التحذير من الاقتراب من الزنا يبدأ من أولى خطواته، وهي النظرة التي قد تؤدي إلى الشهوة، ومن ثم إلى ارتكاب الفاحشة.
اطلع أيضاً على: أدعية لفك الكرب وتيسير الأمور.
النظرة الشرعية وأحكامها في الفقه الإسلامي
في الفقه الإسلامي، تم تناول مسألة النظرة الشرعية وأحكامها بالتفصيل، حيث أن هناك فرقًا بين النظرة المحرمة والنظرة المباحة، فالنظرة المحرمة هي تلك التي تستهدف التلذذ بالشهوات أو النظر إلى ما لا يحل للمسلم من النساء أو الرجال، أما النظرة المباحة فهي التي تكون لغرض مشروع، مثل النظر إلى المرأة عند خطبتها أو النظر لأغراض المعاملات التجارية أو الطبية بما يتوافق مع الضوابط الشرعية.
وقد ذكر الفقهاء أن النظر العابر الذي لا يتبعه تعمد أو تلذذ لا يكون محرمًا، ولكن بشرط أن لا يتكرر أو يستمر، كما أن الإسلام يراعي الظروف الاجتماعية والحياتية التي قد يضطر فيها الإنسان إلى النظر، ولكنه مع ذلك يضع ضوابط تحكم هذه النظرة حتى لا تتحول إلى مدخل من مداخل الشيطان.
دروس مستفادة من الحديث “النظرة سهم من سهام ابليس”
من الحديث “النظرة سهم من سهام ابليس” يمكن استخلاص العديد من الدروس والعبر التي تفيد المسلم في حياته اليومية:
مراقبة الله تعالى
يجب أن يعي المسلم أن الله يراه في كل لحظة، وأنه مطلع على كل ما يقوم به من أفعال، سواء كانت ظاهرة أو باطنة، هذه المراقبة تدفع المؤمن إلى التحكم في بصره وتجنب النظر إلى ما حرم الله.
خطورة استصغار المعاصي
قد يظن البعض أن النظرة أمر بسيط ولا يستوجب القلق، ولكن هذا الحديث يبين لنا أن النظرة قد تكون بداية لسلسلة من المعاصي الأكبر.
الاجتهاد في غض البصر
من يترك النظرة المحرمة خوفًا من الله يجد حلاوة الإيمان في قلبه، وهذا يعطي إشارة واضحة إلى أن المجاهدة في سبيل الله والابتعاد عن المحرمات تؤدي إلى تقوية الإيمان وزيادة الراحة النفسية.
أهمية التوبة والاستغفار
الإنسان قد يخطئ بالنظر، لكن المهم أن يتوب إلى الله ويستغفره ولا يصر على معصيته.
اقرأ أيضاً في: حكم الحلف بالطلاق ثلاثا.
النظرة سهم من سهام ابليس
في الختام حول النظرة سهم من سهام ابليس، يتضح من النصوص الشرعية والأحاديث النبوية أن النظرة المحرمة ليست مجرد فعل عابر، بل هي سهم من سهام إبليس الذي يسعى من خلاله إلى إفساد القلوب وإبعادها عن طريق الله.
لذلك، فإن غض البصر والابتعاد عن الفتنة يُعد من أعظم الأعمال التي تحمي المسلم من الوقوع في شراك الشيطان، كما أن الإسلام يحث على الالتزام بالضوابط الشرعية التي تحفظ النفس والعقل من الوقوع في المحرمات، وتجنب كل ما يؤدي إلى استثارة الشهوة، فالنظرة المحرمة قد تكون صغيرة في بدايتها، لكنها قد تتطور إلى معاصٍ أكبر، مما يجعل الأمر يتطلب يقظة مستمرة ومراقبة دائمة لله سبحانه وتعالى في كل لحظة.
إن الحفاظ على البصر وعدم إطلاقه في ما حرم الله هو من أعظم وسائل التقوى، وهو أيضًا وسيلة فعّالة لحماية القلب من الفتن والشهوات، فالنظرة، وإن كانت خفية عن الناس، إلا أن الله مطلع عليها، ويحاسب العبد على نواياه وأفعاله، ولذا، ينبغي لكل مسلم أن يجتهد في غض بصره والالتزام بتعاليم الإسلام التي تحفظ له قلبه وعقله، وتجعل حياته مطمئنة وقلبه ممتلئًا بالإيمان والرضا.
إن الوقاية من هذه الفتنة تبدأ بالالتزام بتعاليم الشريعة الإسلامية، والحرص على تقوية الإيمان من خلال الطاعات والعبادات. وهذا يفتح أمام المسلم أبوابًا من الطمأنينة والسكينة، ويقربه من الله تعالى، ويبعده عن مواطن الفتنة.
نسأل الله أن يعيننا جميعًا على غض أبصارنا وحفظ قلوبنا من الفتن، وأن يرزقنا حلاوة الإيمان ويثبتنا على طاعته.
ندعوك لـ زيارة موقعنا الموسوعة حيث تجد مئات المقالات المفيدة في مختلف التخصصات ، وفي حال أردت قراءة المزيد من المقالات الدينية سوف تجد أيضا كل ما تريد معرفته.